کد مطلب:167977 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:143

منطق ابن عمر
(لقد كان عبداللّه بن عمر لساناً من الالسنة التی خدمت الحكم الاموی، بل كان بوقاً أمویّاً حرص علی عزف النغمة النشاز فی أُنشودة المعارضة! وسعی إلی تحطیم المعارضة من داخلها، ولایُعباءُ بما صوّره به بعض المؤرّخین من أنّه كان رمزاً من رموزها، لانّ المتأمّل المتدبر لایجد لابن عمرٍ هذا أیَّ حضور فی أیّ موقف معارضٍ جادّ! بل یراه غائباً تماماً عن كل ساحة صدق فی المعارضة! وإذا تأمّل المحقّق ملیّاً وجد عبداللّه بن عمر ینتمی انتماءً تاماً عن إصرار وعناد إلی حركة النفاق التی قادها حزب السلطة منذ البدء، ثمّ لم یزل یخدم فیها حتّی فی الایّام التی آلت قیادتها فیها إلی الحزب الاموی بقیادة معاویة، ثمّ یزید! هذه هی حقیقة ابن عمر، وإنْ تكلّف علاقات حسنة فی الظاهر مع وجوه المعارضة عامّة ومع الامام الحسین علیه السلام خاصة، وحقیقة ابن عمر هذه یكشف عنها معاویة لابنه یزید فی وصیّته إلیه بلارتوش نفاقیة حیث یقول له: (فأمّا ابن عمر فهو معك! فالزمه ولاتدعه!)). [1] [2] .

وهنا فی هذا اللقاء أیضاً نجد ابن عمر یتحدّث عن لسان الامویین بصورة


غیر مباشرة، فمعاویة الذی أشاع فی النّاس ‍ الفكر الجبری بأنّ حكمه ومایفعله بالامّة من قضاء اللّه الذی لایُبدّل! ولیس للامّة إلاّ التسلیم أمام الارادة الالهیة فی ذلك! أذاع فی النّاس أیضاً من خلال كثیر من وعّاظ السلاطین أمثال عبداللّه بن عمر أنّ اللّه اختار لال النبیّ (ص) الاخرة ولم یُرد لهم الدنیا بمعنی أنَّ هؤلاء المصطفین لم یُرد اللّه لهم أن یكونوا حكّاماً!! ولذا فقد صرفها عنهم لما هو خیرٌ لهم!!

والاعجب أنّ ابن عمر فی ذروة اندفاعه امتثالاً لامر الامویین لمنع الامام علیه السلام من مواصلة سفره إلی العراق، ینسی نفسه ویذهل عن أنّه یخاطب أحد أفراد العترة المطهّرة الذین هم مع القرآن والقرآن معهم لایفارقهم، والذین هم أعلم الخلق بإرادة اللّه فی التشریع والتكوین فیقول له: واللّه لایلیها أحدٌ منكم أبداً!! مخالفاً بذلك لصریح الحقائق القرآنیة والاحادیث النبویة الشریفة المتواترة، لاأقلَّ فی ما أجمعت علیه الامّة عن نبیّها (ص) فی أنّ المهدیَّعلیه السلام وهو من ولد فاطمة 3، ومن ولد الحسین علیه السلام، هو الذی سوف یملاالارض ‍ عدلاً بعدما ملئت ظلماً وجورا!

لقد كان منتهی ما یتمنّاه ابن عمر الامویّ الهوی هو أنّ یمنع الامام علیه السلام من أصل القیام والنهضة، لامن السفر إلی العراق فحسب، ولذا نراه یعبّر بعد فشله فی مسعاه عن هذه الامنیة الخائبة فیقول: (غلبنا الحسین بن علیّ بالخروج! ولعمری لقد رأی فی أبیه وأخیه عبرة، ورأی من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ینبغی أن لایتحرّك ما عاش!! وأن یدخل فی صالح ما دخل فیه الناس!! فإنّ الجماعة خیر..). [3] .


لقد كان أفضل ردٍّ علی منطق ابن عمر هو ردُّ الامام الحسین علیه السلام نفسه حیث قال له فی محاورته إیّاه فی مكّة: (أُفٍّ لهذا الكلام أبداً مادامت السماوات والارض!). [4] .


[1] أمالي الصدوق: 129، المجلس الثلاثون حديث رقم 1.

[2] الجزء الثاني من هذه الدراسة ص 300، وفيه أيضاً ترجمة وافية لابن عمر، فراجعهافي ص 292-289.

[3] تاريخ ابن عساكر (ترجمة الامام الحسين عليه السلام، تحقيق المحمودي): 294، رقم 256.

[4] الفتوح، 5:41.